٢/١١/٢٠٠٨

حديث حول المرجعية

حديث حول المرجعية



أحسب أن تحديد المرجعية واستقلالها من أهم المسائل التي تواجه الحركات الفكرية والسياسية والاجتماعية في العالم. ففي عالم تتلاطم أمواجه وتتضارب تياراته، وتتسارع حركته وتغيراته. لابد للإنسان فردا أو جماعة من مسايرة التطور المستمر لكي يظل على صلة بحركة التاريخ، أو لكي لا يخرج من الدنيا، ويسقط تحت عجلات التاريخ المسرعة. ولكن في الوقت ذاته، لابد أن يظل الإنسان نفسه، لابد أن يحافظ على هويته وذاته. لكي يكون جزءا من التاريخ، وإلا استحال مسخا لا يعرف أحد ما هو.

ولذا كان من الضروري أن يحدد الإنسان مرجعية ثابتة يحكم بها مساره، ويضبط بها اتجاهاته في الحركة مع تيارات الحياة والتطور. وعليه أن يحسن فهم مرجعيته، ويحسن به أن يفهم مرجعيات الآخرين، حتى يدرك الفرق بينه وبينهم، وما يميزه عنهم وما يميزهم عنه.

فالمرجعية، هي التي تحميك من الانجراف وراء المتغيرات، والضياع في مسارات غير محددة، كالسائر في وسط المحيط دون بوصلة، أو دون أن يربط اتجاهه بنجم في السماء. فهو قد يدور حول نفسه إلى أن يهلك، وقد يقذف به البحر إلى أي شاطئ. وهو في ذلك كله لا يملك من أمره شيئا، ولا يعرف أين هو في البحر.

واستقلال المرجعية لا يعني الجمود أو التحجر، أو التنكر لما وصل إليه الفكر البشري، ولكنه يعني الاستقلال في النظرة والرؤية والحركة والمسير. فأنت تتحرك وفق ماتراه أنت صوابا أو نافعا أو صالحا، حسب المرجعية التي تقيس أنت بها. ولست تابعا في ذلك لأحد. فأنت تقيس ما وصل إليه الآخرون وفق مرجعيتك المستقلة، فما وافقها كان حسنا ولك أن تأخذ به كما هو، أو تعمل على تعديله وتطويره حسب مرجعيتك، وإن كان معارضا ومخالفا لها فلا تقبله ولا تعمل به.

واستقلال المرجعية مبدأ مهم يجب أن ينظر فيه بحرص. وإلا فقد ينقلب الحرص على الحداثة إلى تبعية، وقد يقود الحرص الشديد على الإستقلال إلى تبعية مضادة.

فالتبعية هي مانراه من كثير من "المثقفين" ذوي اللسان العربي، والعقول الغربية. الذين كلما ناقشت أحدهم قال "هذا ما وصلت إليه أوروبا"، "وهذه هي المبادئ المتفق عليها من العالم المتحضر"، أو كما قال أحد كبارهم "علينا أن نتبع أوروبا، ونحتذي بهم في الخير والشر، والنافع والضار". أوَلوْ كان ما جاء به الغرب فسادٌ تامٌ، وظلمٌ بيّن؟ فالغرب أباح زواج الشواذ، وقنن الزنا والدعارة، فهل من المطلوب إتباعه في ذلك؟

تلك تبعية مريضة، وانهزام مذل.

والتبعية المضادة (التي أراها كمينا يسقط فيه الكثيرين) هي رفض كل ما جاء من الغرب. لمجرد أنه من الغرب. مع أننا تعلمنا في الإسلام أن الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها. فإن كان في الغرب خير، فلم نتركه؟ فالغرب يقدم إتقان العمل، ومحاسبة أهل السلطة، ونزاهة الانتخابات، وكثير من قوانين المساواة بين الناس، فهل نرفض ذلك لأن الغرب دعا إليه؟

ذلك تعصب مقيت، وجهالة فاضحة.


ولا يحسن بنا أن نكون من أهل التبعية المريضة، ولا التعصيب المقيت. فنحن أمة الوسط، . والاستقلال هو الوسطية المبصرة بين الاتباع الأعمى، والرفض الأعمى.


فنحن، أهل الإسلام، مرجعيتنا هي الإسلام. الإسلام كما جاء في كتاب الله وسنة نبيه، هذه هي مرجعيتنا الأولى. يدعمها تاريخ من البحث والسوابق وتراكم الخبرات، التي تقدّر ولا تقدّس. وهذه المرجعية تمثل الأساس الذي نقيس به كل ما يعرض لنا، من فكر بشري، سواء جاءنا من عندنا، أو جاء من الشرق أو الغرب. وقد استفاد المسلمون منذ قيام دولة الإسلام (في عهد النبي صلى الله عليه وسلم) من منجزات الحضارة البشرية، وتطور الفكر البشري يقدر ما احتاج إلى ذلك، وبقدر ما كان ذلك موافقا للإسلام. وقد يبدو ذلك أوضح ما يكون في حروب الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد استخدم الخندق، وهو من أساليب الفرس، واستخدم الدبابات والعرادات في حصار الطائف وهي أسلحة لم تكن مألوفة لدى العرب. وهي مجلوبة من بلاد الفرس والروم والأحباش. (أهل الحضارات في ذلك الزمن). ثم في عهد عمر بن الخطاب، أدخل نظام البريد وهو مقتبس، وأدخل الدواوين وهي مأخوذة عن الأمم الأخرى.فمن الجيد أن أقتبس من أي قوم ما كان نافعا في حضارتهم وكان موافقا لفهمنا للإسلام. فلا يجوز أن نرفض الحرية مطلقا لأن الغرب يدعو إليها، ولا ينبغي أن نبيح الربا والقمار لأن الغرب يربح منها.

فالمطلوب من أهل الدعوة الإسلامية، قيادة وأتباعا، أن يقيسوا أعمالهم وأفكارهم (وأعمال الغير وأفكارهم) بمقياس الإسلام، (الكتاب والسنة). لا بمقياس من يرضى ومن يسخط من أهل الأرض. فقد يخطئ عالم، وقد يزل قائد. وقد يخادعك الإعلام.

فلا يعني سخط الغرب على الإسلامي أنه على حق، إذ ربما يعاديك الآخر ولست على الصواب.. فالباطل قد يتعدد، ويتصارع أصحابه وكلهم على ضلال.. وقد رأينا صراع الرأسمالية والشيوعية عقودا طويلة، ولا يعني ذلك أن أحدهما على صواب أو على الحق.


ولا يعني رضا الغرب عن جماعة يوما أنها على ضلال، فكذلك قد يشيد بك الباطل، لاشتراككم في عدو واحد، مثلما حدث مع المجاهدين الأفغان، فقد أشادت بهم أمريكا ودعمتهم لأنهم يحاربون الاتحاد السوفييتي، ولا يعني ذلك أنهم كانوا على باطل في قتالهم له..

وكذلك يجب أن نميز بين الإسلام وأهله، فليس أحد من المسلمين يمثل وحده الإسلام بكامله. فكل عامل يصيب ويخطئ. وقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم. فلم يكفر أحدهم الآخر. حتى عندما وصل الأمر إلى القتال بينهم فقد قاتل علي رضي الله عنه من قاتله، وقال عنهم "إخواننا بغوا علينا". وكلهم نقلوا إلينا الإسلام كاملا. مع خلافاتهم في السياسة والفقه. فليس كل من انتقد الإسلاميين عدو لله ورسوله، محارب للإسلام، مباح الدم. فالخلاف بين أهل الإسلام وارد. وليس كل من دعا إلى الإسلام فقيها يتبع، وليس كل من تغنى بأمجاد المسلمين مخلص صادق. وكثير ممن انتقد الحركات الإسلامية كان مخلصا في النصيحة، قاصدا للخير، أصاب فيه أو أخطأ.


فالأمر، في ما أرى، أن أعرض الأعمال جميعها على مرجعيتي الأصلية، الكتاب والسنة، فما وافقها كان صوابا وخيرا، وما خالفها كان غير ذلك.. وكل عمل يقاس بقدر ما يقترب من هذا الأصل أو يبتعد عنه..


والله أعلم..







٢/٠٨/٢٠٠٨

تاجين مع بعض


وصلني من أخي شمس الزناتي
تاجين هما الأول والثاني في مسيرتي التدوينية

وأنا لا أستطيع أن أرد طلب من شمس الزناتي
فكان لا بد لي من الإستجابة

وإليكم التاجين

تاج الحصانة

دخلت مجلس الشعب من اوسع ابوابه ايه هو رمزك الانتخابى المفضل ؟؟؟؟
السيف

المسدس

قنبلة أي حاجة تقول غني إرهابي


كنت تفضل الدخول مستقل او تتبع حزب معين ؟؟؟؟

أنا عموما أحب أكون مستقل

فأكيد حادخل مستقل


اذا دخلت مستقل هل توافق على التوقيع للحزب الوطنى بعد نجاحك كمستقل ؟؟؟؟


الحزب الوطني؟؟ لا طبعا أنا أساسا إرهابي

مش حكومي

مادام دخلت مستقل، فسأظل مستقل


اول حاجه هتعملها لنفسك ولاسرتك ؟؟؟؟؟

أنا حاصلح شارع بيتنا، عشان عربيات الناس اللي بتحاول تزورنا تبطل تعيش عند الميكانيكي.


ايه المشروع اللى ناوى تعمله لاهل دايرتك ؟؟؟؟ دون ذكر اسم الدائره

بعد ما أصلح الشارع، وأشيل المطبات، حاطلب إنهم يخفضوا ارتفاع الرصيف عشان كبار السن، بيحتاجوا سلم عشان يطلعوا الرصيف


قعدت في المجلس جنب نائب مميز . من هو النائب ؟؟؟


أي حد مش بيقزقز لب ولا سوداني في المجلس، ولا بيسلك سنانه، ولا بيقضي الجلسة نايم

يستحسن إنه يكون مستقل، أو على الأقل مش حزب وطني


قدمت سؤال للحكومه ايه هو السؤال ؟؟؟؟؟


متي ستقدم الحكومة إجابات صادقة على أسئلة المجلس أو الصحافة أو الجماهير؟


طلب احاطه موضوعه ايه ؟؟؟ وبتقدمه لمين ؟؟؟؟

وزير المالية،عن نتائج اتفاقية الكويز على صناعة النسيج المصري.


استجواب لاتنين من الوزراء موضوعه ايه ؟؟؟؟وبتستجوب مين
وزير الداخلية، أين حقوق الإنسان؟

وزير الزراعة: كيف أصبحت مصر في المرتبة الثالثة في إنتاج القطن؟

وزير المالية : فلوس الشعب بتروح فيييييييييييييييييييييييييين؟

وزير التعليم العالي: ليه خريجينا مستواهم كده؟


انت مع الخصخصه ؟؟؟؟؟؟
أنا مع خخصة الصناعات المتوسطة، أما الخدمات، والصناعات الاستراتيجية، لازم تكون ملكية عامة.


هل انت مع قطع العلاقه مع اسرائيل ؟؟؟؟؟

طبعا (مش قلت لك إرهابي)

أنا مع قطع العلاقات كاملة.


وما يترتب عليه من معامله العدو هل تؤيد الحرب على العراق ؟؟؟؟؟؟؟؟

العراق بلد عربي، إخواننا وأهلنا. لا يمكن أؤيد حرب ضدهم

ولا حتى أقف على الحياد


هل تؤيد مرور الامريكان فى القناه ؟؟؟؟؟؟

مرور سلمي طبعا، زيهم زي غيرهم، ويدفعوا الرسوم.

لكن مرور قوات لضرب أهلي وناسي، يبقى غباء أو خيانة.


هل انت مشترك فى مؤامره كسر فرنسا هانم بالاشتراك مع ام دبوه ؟؟؟؟؟؟؟؟

أنت بتصدق الكلام ده؟؟

المؤامرات دايما ضدنا إحنا بس


بتمرر التاج ده لمين ؟؟؟؟؟؟

جاي مع اللي بعده


********************************************


تاج تاني

من غير اسم


هل توافق على حذف خانة الديانة من البطاقة الشخصية ؟

لا طبعا

عشان أعرف هوية الإنسان اللي قدامي

هوية الإنسان/ إسم وشكل ودين وثقافة


ما رأيك فى المثليين ؟


قصدك الشواذ جنسيا

منحرفين عن الفطرة وعن شريعة الله

إما مرضى يجب علاجهم، أو مجرمين يجب عقابهم،

وفي الحالين يجب عزلهم عن بقية المجتمع السوي.

هل هى حرية شخصية ؟


ممارسة الشذوذ الجنسي جريمة

لو قلنا إن القتل والسرقة والزنا والدعارة حرية شخصية، ممكن نضيف معاها الشذوذ.

لكن الجريمة جريمة، وليست حرية.


هل توافق على الإعتراف بالمثليين ؟


أنا قلت قبل كده إنها جريمة

مش ممكن أوافق على الاعتراف بجريمة


هل لديك أصدقاء من المثليين ؟


لحسن الحظ، لا،،

لكن اعرف عدد منهم، في ظروف مختلفة


هل تعتقد بوجود إضطهاد للمسيحين فى مصر ؟


طبعا، هناك اضطهاد للمسيحيين في مصر وللمسلمين كمان،

بس مش بسبب الدين

بسبب الجنسية. (مصري)


من هو الشخص الذى تختارة لرئاسة مصر ؟


المرشح الأول عندي حتى الآن

عمرو موسى


أذا قمت بتأسيس حزب سياسى .. من هم الأشخاص الذين ستقوم بضمهم فى الحزب ليشاركوك فى حكم مصر حال فوزك فى الإنتخابات ؟


عمرو موسى، د.محمد العوا، طارق البشري، د.عصام العريان، الفريق سعد الدين الشاذلي، ومصطفى بكري. جورج إسحق، د.عبد الوهاب المسيري، أمين اسكندر.

دول المجلس الاستشاري الأساسي..

وبعدين فيه ناس تانية ممكن الاستعانة بهم في مسائل محددة.

هل توافق على مشاركة كل من : الإخوان المسلمين - الأقباط فى الحكم ؟


طبعا،أنا أرفض عدم مشاركتهم.

من واجب كل فرد في الجماعة السياسية (الشعب) أن يشارك في صياغة الحكم. والإخوان والأقباط جزء من هذه الجماعة السياسية.


فى رأيك الشخصى .. ما هى أفضل مدونة على بلوجر قمت بزيارتها ؟


فيه مدونات كثيرة ممتازة، وأحب قراءتها، وأتعلم منها أو أختلف معاها.. منهم

ولا أستطيع أن أقول الأفضل، لأن كل واحد متفوق في جزئية

لكن أذكر منهم

فخامة أفندينا

جبهة التييس الشعبية

مصري للنهاية

أنا مش معاهم

جيم أوفر

وفيه من خارج بلوجر

في تدوين

ارحم دماغك

المؤرخ

وفي مكتوب

معاني إنسانية

عقل ونقل

بقلم محمد حماد

للذكور فقط : أيهما تفضل كزوجة .. إمراءه عاملة ، أم ربة منزل ؟

أنا أفضل أن تتفرغ الزوجة لزوجها وأبناءها. طبعا لو مافيش أولاد، فستعاني من الملل، وطبعا الملل ده حيطلع على زوجها.

يبقى تشتغل، لغاية ما تجيب أولاد،ثم تتفرغ لهم.

طبعا الظروف الاقتصادية لها أحكامها.. لكن أنا أفضل الوضع كده.


اذا تزوجت وأنجبت ولدين وبنتين .. أى الأسماء تحب أن تسمى ؟

أنا تزوجت وعندي بنتين، نورة ورندة،

بس أنا باضع اسم واحد للمستقبل

لو ولد، علي، ولو بنت ريم (لو أمها وافقت طبعا)

هل تعتقد أن توريث الحكم فى مصر . . سيتم فعلا أم لا ؟

غالبا سيتم لبعض الوقت،

ولن يستمر طويلا، لأن التركة أكبر من الوريث المرشح. وهو لا يستطيع أن يحافظ عليها،

فإما أن تدمره أو يدمرها.


فى رأيك الشخصى : ماهو أفضل إنجاز لحكومة مبارك ؟

يمكن تصيلح المجاري،

أو مترو الأنفاق،

يعني الحاجات اللي المفروض يعملها محافظ أو رئيس مدينة



وما هو أسوأ عمل قامت به ؟


كثيييير

يمكن الأسوأ هو

تدمير الثقة في القضاء

وتشويه الدستور


ثم لمن تمرر هذا التاج ؟

كان نفسي أمرره إلى

نوشة - الغريب في بلده

مارو - جيم أوفر

بس شمس الزناتي لم يترك مدون أعرفه إلا ومرر له التاج ده

يبقى نبعثه إلى


فخامة أفندينا





٢/٠٤/٢٠٠٨

نظرة على أحداث غزة

نظرة على أحداث غزة


تابعنا جميعا ما كان في الأيام الماضية من أحداث على حدود قطاع غزة من جهة سيناء، سواء على معبر بوابة صلاح الدين، أو على الأسوار الفاصلة بين أرض سيناء وأرض القطاع. وكان ما كان من الأحداث التي تابعها الجميع، واهتم بها الجميع، ثم اختلفت القراءات في تحليل ما حدث.

وأحسب أن أهم ما يجب علينا التثبت منه لحسن قراءة الحدث، أن نتفق على مسلّمات ننطلق منها في تقويم الأحداث، ومرجعية نقيس عليها لتحليل النتائج، حتى نتمكن من تحديد ما يجب علينا فعله، لاستثمار المكاسب، أو تعويض الخسائر، أو استغلال الفرص. لأن اختلاط الحقائق الأساسية يجعلنا نتيه في التفاصيل، وتضيع منا السبل. فلا نعرف وجه الصواب من الخطأ، ونحسب كثيرا من الشر خيرا، ونظن كثيرا من الخير شرا.

بداية أحب أن أبين بوضوح كامل أن مرجعيتي دائما هي الإسلام. الإسلام عقيدة وشريعة وثقافة وتاريخا. فكل ما خالف ثوابت الإسلام المتفق عليها مرفوض عندي وليس له اعتبار.

وأول الحقائق: التي أراها غابت عن كثير من المتكلمين في هذا الأمر، هي أننا لسنا شعوبا صديقة ولا شعوبا شقيقة. ولكننا أمة واحدة وشعب واحد. يتفق على هذا الأمر الإسلاميون والقوميون جميعا. فليس الأمر مساعدة شعب مصر لشقيقه شعب فلسطين، بل هو شعب واحد جزء منه في فلسطين وجزء في سيناء وجزء في وادي النيل، وجزء في الخليج وجزء في المغرب العربي. يساعد بعضه بعضا، ويهتم بعضه ببعض، كما يهتم أهل القاهرة لأهل أسوان، وأهل الإسكندرية لأهل القناة.

والحقيقة الثانية: هي أن السور الذي بكاه البعض، وصوروا هدمه اعتداء على السيادة المصرية هو سور أقامه الاحتلال الإسرائيلي لحصار أهلنا في غزة.. كما أن خط الحدود المرسوم بين مصر وفلسطين، هو خط رسمه الاستعمار (الإنجليزي-الفرنسي) فمن عجب أن يبكي دعاة الحرية قيدا منحهم إياه العدو المستعمر.

الحقيقة الثالثة: أن الصراع حول فتح الحدود لم يكن صراعا بين حماس (ومن ورائها الإخوان) ضد الحكومة المصرية. بل كان صراعا بين إرادة الشعب العربي، (في غزة، وفي مصر، وفي سائر بلاد العرب والمسلمين) وبين إرادة التفريق بينهم.. وقد اختارت الحكومة المصرية أن تنحاز لإرادة شبعها وأهلها. وهو موقف يحمد لها، ونذكره للرئيس المصري مع الاعتراف له بحسن الاختيار.

الحقيقة الرابعة: أن هناك قوة احتلال إسرائيلية تحتل أرضنا في فلسطين. وهي أرضنا جميعا كعرب وكمسلمين. ومن واجبنا جميعا أن نعمل على تحريرها واستعادتها. إن لم يكن بالقتال، فبنصرة المقاتلين، وإلا فأضعف الإيمان أن نمتنع عن مساعدة المحتل.

الحقيقة الخامسة: أمريكا ليست هي الله.. قد تكون أمريكا أقوى الدول عسكريا واقتصاديا، لكنها ليست القوة الوحيدة، وليست قادرة على فعل كل شيء. فقدراتها محدودة، وهي تستمد كثيرا من قوتها من تخاذلنا وانهزمنا أمامها، وخوفنا منها.

في ضوء هذه الحقائق نستطيع أن نرى أن هدم السور كاملا (لو تم) هو انتصار للمقاومة في فلسطين، وانتصار لرغبة الحرية والتوحيد في بقية أراضي العرب. فليس بين هذه الشعوب حساب المنتصر والمهزوم. فانتصار أحد جهات الشعب، هو انتصار للمجموع. وهزيمة أحدها هزيمة للمجموع. والحديث الذي قيل عن السيادة وحرمة الحدود في هذا المجال مرفوض، فهي حدود لم نضعها نحن، بل فرضت علينا، فلا معنى للحرص عليها على حساب حياة إخواننا في غزة. كما أن المتباكين على السيادة المصرية (ممثلة في هذا السور) لم نسمع لهم صوتا يتحدث عن الحدود الواسعة المفتوحة دون سور أو جنود بيننا وبين قوات العدو الإسرائيلي على امتداد صحراء النقب. ولم نر منهم غضبا عندما قامت سيارات إسعاف العدو بإجلاء المصابين في تفجيرات طابا. لانعدام التواجد المصري في منطقة طابا. التابعة اسما لمصر، وحقيقة لغيرها.

من بديهيات العقل أن المحتاج يبدأ بسؤال الأقربين، قبل أن يذهب إلى عدوه يستجديه. ومن المعروف في تقاليدنا أنني إذا طلبت من ابن عمي عونا وكان أخي حاضرا، كانت هذه إساءة لأخي، يحق له أن يغضب لها. ولذا لم أفهم وجه اعتراض الناس على أن اتجهت مظاهرات الجياع في غزة إلى مصر، بدلا من أن تتجه إلى قوات العدو. فهم أتوا إلى إخوانهم يسألونهم النصر والمساعدة. فإذا ببعض أصوات تقول لهم "أطلبوها لدى عدونا وعدوكم!!"

لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وقد كان السهر والحمى في تلك الأيام، مظاهرات ونداءات ودعاء وهتافات، حتى انجلت الغمة، وانكسر الحصار. والتقى الإخوة على جانبي السور. وهذا بلا شك انتصار لإرادة الوحدة على إرادة التشرذم. وكان تكبير العابرين لحدود الفاصلة تعبيرا عن الفرحة بهذا النصر، وليس كما توهم من لا يعرف معنى التكبير، (انتصارا على العدو المصري) أو كما حاولوا أن يوهموا من لا يعرف معنى التكبير عند المسلمين. فالمسلم يكبر الله في كل حين، وعند كل فرحة، وليس فقط في الحرب والقتال. فنحن نكبر في الصلاة والحج، ونكبر في الأفراح والأعراس. كما نكبر عند الانتصار والظفر.

صحيح أنه قد حدثت أخطاء وتجاوزات من أفراد من شعبنا، من أهل مصر ومن أهل غزة.. وفي هذه الأحوال يحدث احتكاكات وتحرشات مقصودة من البعض وغير مقصودة، ويكون هناك سيء الخلق ورديء الطبع والمندس والعميل. فليس كل إساءة من مصري مقصودة ومخططة من القيادة المصرية، وكذلك ليس كل فلسطيني تجاوز يمثل كل أهل فلسطين ولا حكومتها ولا تنظيمات المقاومة بها. ونحن نعلم أن من أساليب اليهود من قديم الزمن اختلاق مثل هذه المواقف وتضخيمها سعيا للفرقة بين المسلمين. نعلم أن هذا دأبهم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما سعوا إلى إشعال الحرب بين الأوس والخزرج، ولولا رحمة الله وتدارك رسوله للأمر، لكانت حرب بينهم في حياة الرسول. ومثل ذلك كلنا يعرف فضيحة لافون، للوقيعة بين مصر والولايات المتحدة، وكثير من الناس يعتقد (وأنا منهم) أن الموساد هي المسؤول الأول عن تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء. فليس من المستبعد أن يكون لهم يد في ما حدث.

وكل المتابعين للشأن الفلسطيني يعرفون أن هناك فئة تحمل السلاح في غزة، وتأتمر بأمر جليس رام الله، وآخرين يأتمرون بأمر دحلان، وما أدراك ما دحلان! وبأمر من يتحرك دحلان. فدحلان (وكل دحلان) في بلادنا لا يهمه من يموت ما دام يستفيد مالا. فهو يريد المعابر مفتوحة مادام ريعها يصب في حسابه الخاص. أما إذا كانت لإنقاذ حياة المصابين، أو خروج وعودة الحجاج، أو لإدخال الوقود، والدواء فهي تهديد للأمن القومي، وتضييع للقضية الفلسطينية. فلا يبعد أن يكون من رجال جليس رام الله، أو رجال دحلان (أيّ دحلان) أو من رجال الموساد، من سعى في ذلك، إيغارا لصدور المصريين، وأهل غزة معا، فلا يعودوا يشعرون بحقيقة وحدتهم، ولا أهمية تضامنهم. وقد رأينا من قبل إطلاق النار على أبو العبد (إسماعيل هنية) عند عبوره المعبر بعد انتظار طويل، ورأينا محاولة اغتيال الزهار، وسمعنا عن محاولة تفجير احتفال الترحيب بالحجاج العائدين، ولا أظن عاقلا يقول أن هذه كانت أعمال من حماس أو كتائب القسام. ولا أبرئ هنا جميع رجال من النظامين، في مصر وغزة، فهم بشر معرض للزلل والخطأ. ولكن المهم هو احتواء هذه التجاوزات على أساس وحدة الشعب الواحد. بمثل ما قامت به حكومة حماس (المتهمة بالإرهاب والتطرف والتكفير) فقد قدمت اعتذارا، وأرسلت وفدا لزيارة المصابين، ومواساتهم، ووعدت بحساب رجالها عن كل رصاصة مفقودة، أي أنهم سيحاسبون رجالهم على الرصاصات المطلقة في الهواء.

فلماذا لم نسمع نصف هذه الصيحات، عندما قتل الجيش الإسرائيلي رجالا من شعبنا داخل رفح المصرية، وجنودا من قواتنا المسلحة داخل أراضينا، وخطف طلابا من أبنائنا من داخل أرضهم، من أجل مبادلتهم بجاسوس قبض عليه؟ ولم يحدث تحقيق، ولم يقدم اعتذار ولا عزاء، و مع ذلك لم نسمع للنائحين اليوم، حينها صوتا يسأل عن سيادة وكرامة وحرمة حدود..

أخيرا إن الصراع بين حماس ومحمود عباس (جليس رام الله) ليس صراع سلطة، كما يحاول البعض تصوير الأمر، وإنما صراع بين إرادة الكرامة والمقاومة، وإرادة الاستجداء والتسليم. إن حماس لم ترفض السلام جملة، وإنما رفضت الاستسلام. رفضت التفريط في حقي وحق كل مسلم في أرض فلسطين. وهي تدفع اليوم (مع أهل غزة) ثمن صمودها وحفاظها على حقنا. فليس من الحق ولا العدل ولا الكرامة أن نساعد على حصارهم، والتضييق عليهم. لقد استحى المشركون في مكة من حصار بني هاشم. فهل نكون أقل من مشركي مكة؟

إن حصار غزة لم ينته، والمعركة بين إرادة الوحدة وإرادة التفرق مستمرة، والحرب بيننا وبين الاحتلال قائمة. حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا..

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.