١٢/٢٥/٢٠٠٧

حول الإعجاز العلمي في القرآن1

حول الإعجاز العلمي في القرآن1


نؤمن نحن المسلمين أن القرآن هو كتاب الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ونؤمن أنه معجزة خالدة. لا يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بشيء من مثله، مهما فعلوا. وإعجاز القرآن من جهة البلاغة والفصاحة أمر متفق عليه، بل قد أقر به المشركون من قريش وهم مقياس الفصاحة عند العرب. واتفق عليه كل من كان له علم باللغة العربية وأصولها وآدابها. ولم يمار في هذا الإعجاز اللغوي إلا جاهل بالعربية أو أحمق.

أما عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. وهو أمر طال فيه الجدل وكثر في الحديث. فأنا أؤمن أنه إذا كان القرآن الكريم كتاب الله، فلا يجوز أن يحتوي على خطأ علمي. لأن الله تعالى عالم الغيب والشهادة لا يجوز عليه الخطأ ولا السهو ولا الكذب. ونحن نؤمن أن القرآن قد بلغنا كما هو دون تحريف أو تبديل. ولكن علينا كذلك أن نتذكر دائما أن القرآن الكريم هو كتاب دين وعقيدة، وحكمة وتشريع. وليس كتاب في علم الطبيعة أو علم الفلك أو حتى علم التاريخ. وأنه وإن كان يحتوي على إشارات لهذه العلوم جميعا، فإنها إشارات إما لحث الناس على تأمل خلق الله والاستدلال بهذا الخلق على الخالق المبدع. أو لإثبات أن الله تعالى هو منزل هذا القرآن وليس بإمكان إنسان أن يضع مثل هذا الكتاب. وهو ما يقصده العلماء بالإعجاز العلمي للقرآن. فلا ينبغي النظر إلى القرآن ككتاب في علم الطبيعة فليس هذا شأنه ولا الغرض منه.

وأصل ذلك المبحث على حد علمي، أن أعداء الإسلام، من الفلاسفة قديما والمبشرين والمستشرقين حديثا، كانوا يحاولون البحث عن خطأ في القرآن الكريم في إطار سعيهم لمحاربة الإسلام والرد عليه. كما قال تعالى "يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم". فكان لعلماء المسلمين جهود طيبة في الرد عليهم، وفي إظهار هذا الوجه من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، مثل الدكتور مصطفى محمود والشيخ عبد المجيد الزنداني.

والدكتور مصطفى محمود كان ملحدا في أول أمره، منكرا لله مؤمنا بالعلم وحده. ولكنه كان منصفا طالب علم وحق، فهداه الله بالعلم إلى الإيمان. فعمل على عرض ما وجده على الناس، وأراد أن يبين لهم الطريق الذي استبان له. وكان أكبر عمله أنه سعى لبيان بديع صنع الخالق، وإحكام صنعته في الخلق، وبالغ حكمته في تصريف السماوات والأرض. مع الإشارة إلى نصوص القرآن إن بدت له مطابقة لما رآه بالعلم. ولم يكن مفسرا ولا ادعى أنه عالم في شؤون الدين. وإنما هو عالم في علوم الدنيا هداه الله إلى الإيمان عن طريق العلم.

والشيخ عبد المجيد الزنداني رجل عالم داعية، قام بجمع ما وصل إليه عدد من العلماء من اكتشافات حديثة نسبيا، مما يطابق قول الله تعالى في كتابه العزيز، وعرض ذلك على الناس وبينه لهم. وقد حضرت بعض هذه المحاضرات في البحرين. فكان أجمل ما فيها البعد عن الافتعال، وليّ عنق النص ليطابق ما يظنه العلماء، أو يوافق نظرية علمية معينة. بل اعتمد على حقائق علمية ثابتة، عرفها العلماء بيقين، ووجد أنها تطابق وصف القرآن. قائلاً إن هذه النصوص التي لم يعرف السابقون تفسيرها، يمكن أن نفسرها بهذا العلم الذي عرفناه.

مثل قوله تعالى "مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان" فقال إن العلماء قد وجدوا فاصلا (برزخا) يحجز بين البحار المختلفة، فتختلف مكونات الماء في البحرين المتجاورين، برغم أن العلماء كانوا يظنون سابقا أن نسبة الأملاح لا بد أن تتساوى في البحار ما دامت متصلة، فإذا بالحقيقة غير ذلك.

فهذا مثال لكشف علمي وافق صريح نص القرآن. دون حاجة ليّ عنق النص، أو تأويله تأويلا بعيدا عن طبيعة اللغة. أو تعسف في استخدام المصطلح اللغوي أو العلمي في غير موضعه.

ثم جاء بعد ذلك دعاة تخصصوا في هذا المجال. ولكنهم ربما لشدة حرصهم على إثبات دعواهم، أو تحت تأثير الجذب الإعلامي، تحول بعضهم إلى ما يشبه الساحر في السيرك، حريص على أن يقدم فقرة جديدة كل موسم. فلا بد له في كل موسم من اكتشاف جديد. ليكسب إعجاب الناس، به أو بالإسلام، أو ليقول للناس إن أدلة إعجاز القرآن لا تنفد ولا تنقضي. ونحن نؤمن أنها كذلك، ولكننا نقول إن في كل عصر سيكتشف أهله ما يكفيهم، بلا حاجة للتنطع أو ليّ أعناق النص، أو افتعال دليل. فالذي يحاول افتعال دليل، يتصرف وكأن ما في يده من الأدلة لا يكفي. والعاقل الذي يبحث عن الحق يكفيه دليل واحد. فمن لم يقبل الدليل كبرا أو عنادا أو اتباعاً لهواه فلن يكفيه شيء.


يتبع


هناك تعليقان (٢):

محمد مارو يقول...

ياااااااااه انا اول تعليق ؟
ايه الحلاوه دى ؟
طيب وسعوالى بئه ع شان اعلق
وسع ياجدددددددددددددددع
انا جااااااااااااااااااااااااااااى

محمد مارو يقول...

استاذ حسن
حلو الموضوع و حلو المقال و ان كان لى بعض التعليقات
منها
انا واحد من الناس اللى مؤمن جدا بموضوع الاعجاز العلمى فى القران و موافق عليه بشده شديده
بس مع وجود قاعده اساسيه عندى
ان العلم هو الذى نستدل على صحته من القران و ليس القران الذى نثبت صحته يالعلم
لان كتير من القضايا العلميه و النظريات كانت صح و البشر قال عليها خطا و كتير كانت خطا و البشر قال عليها صح يبئه الفيصل فى الموضوع ده هو الرجوع للقران
يبئه كده القران لازم يكون هو البوصله لمعرفه هل النظريه صح ام خطا
اما عن تمسكى بتاكيد اهميه الاعجاز العلمى
فانا ممكن اقول
اولا لو مكنش الاعجاز ده مهم مكنش ربنا ذكره فى اقدس كتاب
ثانيا
زى ما انت بتقول ان كتير من الملحدين اسلموا بسبب الاعجاز العلمى
ثالثا و ده الاهم
كتير من المسلمين نفسهم بيزداد ايمانهم بيه
بس برده فى ظل القاعده السابقه يعنى لو العلم اثبت قضيه و تعارضتت مع القران يبئه لازم نثق ان العلم هو اللى خطا و ان قدم مليون دليل
و شكرا
اسف للتطويل